كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ وَبَحْثُ طَهَارَتِهِ نَظَرًا لِصُورَتِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ لِرَدِّ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّمْلِيِّ وَوَالِدِهِ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ نَحْوُهَا فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كَلْبٍ وَآدَمِيٍّ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ فَنَجِسٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ فَطَاهِرٌ عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَنَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ حَجّ فَيُصَلِّي إمَامًا وَيَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ وَيُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يُنَجِّسُهُمْ بِلَمْسِهِ مَعَ رُطُوبَةٍ وَلَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَلَا الْمَائِعَ وَيَتَوَلَّى الْوِلَايَاتِ كَالْقَضَاءِ وَوَلَايَةِ النِّكَاحِ وَخَالَفَ الشَّيْخُ الْخَطِيبُ فِي ذَلِكَ وَلَهُ حُكْمُ النَّجِسِ فِي الْأَنْكِحَةِ وَالتَّسَرِّي وَالذَّبِيحَةِ وَالتَّوَارُثِ وَجَوَّزَ لَهُ ابْنُ حَجّ التَّسَرِّيَ إنْ خَافَ الْعَنَتَ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كَلْبَيْنِ نَجِسٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ آدَمِيَّيْنِ طَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ فَإِذَا كَانَ يَنْطِقُ وَيَعْقِلُ فَهَلْ يُكَلَّفُ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَلَّفُ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ التَّكْلِيفِ الْعَقْلُ وَهُوَ مَوْجُودٌ.
وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ شَاتَيْنِ وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ إذَا كَانَ يَنْطِقُ وَيَعْقِلُ وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ وَإِنْ صَارَ خَطِيبًا وَإِمَامًا. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ وَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا.
(قَوْلُهُ بَلْ وَإِلَى غَيْرِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ مَا أَصَابَهُ مَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ يُنَجِّسُهُ لَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ إذْ الْعَفْوُ يَصْدُقُ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ سم.
(قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكِيَّ الَّذِي أَصَابَهُ مُغَلَّظٌ وَلَمْ يُسَبِّعْهُ مَعَ التُّرَابِ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ عَمَلًا بِاعْتِقَادِهِ لَكِنْ هَلْ لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ بِدُخُولِهِ حَيْثُ يَتَلَوَّثُ الْمَسْجِدُ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ قُلْنَا لَهُ مَنْعُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى حَجّ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ أَيْ الْمَالِكِيِّ الْمَذْكُورِ حَيْثُ خِيفَ التَّلْوِيثُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ مِنْهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إفْسَادُ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ع ش وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ الْمَنْعُ إلَخْ لَا مَوْقِعَ لِهَذَا التَّرَدُّدِ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ إلَخْ بَلْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ مَعَ الرُّطُوبَةِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ إفْسَادِ عِبَادَةِ غَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ) اعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ تَرْكُ فِي بَصْرِيٌّ أَيْ وَمَا.
(قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ قِيلَ إلَخْ) هَلْ هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَقْصُورٌ عَلَى التَّسَرِّي أَوْ جَارٍ فِيهِ وَفِي النِّكَاحِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَالْأَقْرَبُ مَعْنًى إرْجَاعُهُ إلَيْهِمَا مَعًا لَاسِيَّمَا، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى صَدَاقِ الزَّوْجَةِ قَدْ يَكُونُ أَيْسَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَأَيْضًا فَدَائِرَةُ الْأَوَّلِ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُكَاتَبَ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا مَا يُفِيدُ الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ وَسَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُؤَيِّدُ عَدَمَ تَزَوُّجِهِ مُطْلَقًا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ مَا يُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر أَنَّهُ طَاهِرٌ فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيَمَسُّ النَّاسَ وَلَوْ رَطْبًا وَيَؤُمُّهُمْ وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أَصْلَيْهِ مَا لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَلَوْ لِمِثْلِهِ وَيُقْتَلُ بِالْحُرِّ لَا عَكْسُهُ وَيَتَسَرَّى وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ لَا عَتِيقَهُ أَجَهْوَرِيٌّ وَزِيَادِيٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَبْعُدْ) تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ ع ش ثُمَّ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ أُنْثَى وَتَحَقَّقَتْ الْعَنَتَ فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْغَيْرِ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ فِي أَحَدِ أُصُولِهَا مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الصَّبْرُ وَمَنْعُ نَفْسِهَا عَنْ الزِّنَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. اهـ.
(قَوْلُهُ قِيلَ لَا عَكْسُهُ إلَخْ) أَقُولُ هُوَ وَاضِحٌ فَمَا وَجْهُ حِكَايَتِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي قَتْلِ الْقِنِّ الْمُسْلِمِ بِهِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِشَرَفِ الطَّرَفَيْنِ، وَالْقِصَاصُ يُرْعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالْأُجْهُورِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ) أَيْ قِيَاسُ عَدَمِ الْعَكْسِ وَقَوْلُهُ فَطْمُهُ عَنْ مَرَاتِبِ الْوِلَايَاتِ إلَخْ وِفَاقًا لِلْخَطِيبِ وَخِلَافًا لِلرَّمْلِيِّ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ فَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَصْلَيْهِ آدَمِيًّا وَكَانَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ فِي نِصْفِهِ الْأَعْلَى فَقَطْ فَقَالَ شَيْخُنَا م ر هُوَ طَاهِرٌ وَيُعْطَى أَحْكَامَ الْآدَمِيِّينَ مُطْلَقًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ يُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرِ فِي الطِّهَارَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي عَدَمِ حِلِّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَارِثَهُ وَقَتْلِ قَاتِلِهِ قَلْيُوبِيٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطَ اللُّحُوقِ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ إلَخْ) وَهُوَ الْكَلْبُ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَجْنُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَرِيبَ لَهُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْقَرِيبَ يَشْمَلُ الْأَوْلَادَ وَهُمْ مُتَصَوَّرُونَ فِي حَقِّهِ فِي وَطْءِ أَمَتِهِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْعَنَتِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِهِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ قَدْ يَدَّعِي اعْتِبَارَ الشُّبْهَةِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ بِأَنْ يَخْرُجَ مَنِيُّهُ فَتَسْتَدْخِلُهُ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهْ إلَخْ) تَقَدَّمَ اعْتِمَادُهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالْأُجْهُورِيِّ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَقِيسٌ) أَقُولُ وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَأْكُولَةً؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ خَرُوفٌ آدَمِيَّةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَرُوفِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ حَرَّةً فَهُوَ حُرٌّ تَبَعًا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً فَهُوَ مِلْكٌ لِمَالِكِهَا وَمَعَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَ فِي الْكَفَّارَةِ تَبَعًا لِأَخَسِّ أَصْلَيْهِ كَمَا لَا يُجْزِئُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِيهَا بَلْ لَعَلَّ هَذَا أَوْلَى مِنْهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ لِانْتِفَاءِ اسْمِ الْآدَمِيِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَتِهِ فَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ مَأْكُولَيْنِ مَا هُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَصَارَ مُمَيِّزًا عَاقِلًا هَلْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ وَبَقِيَّةُ عِبَادَاتِهِ وَهَلْ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ أَمْ لَا وَإِذَا مَاتَ هَلْ يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ إمَامَتِهِ وَسَائِرِ عِبَادَاتِهِ وَأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالْعَقْلِ، وَقَدْ وَجَدُوا أَنَّهُ يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ تَبَعًا لِأَصْلَيْهِ وَإِنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْآدَمِيِّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِي الْحَيَاةِ وَلَا فِي الْمَمَاتِ ع ش.
(وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ وَالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ) لِتَحْرِيمِهَا مَعَ عَدَمِ إضْرَارِهَا فَلَمْ يَكُنْ إلَّا لِنَجَاسَتِهَا وَزَعْمُ إضْرَارِهَا مَمْنُوعٌ وَهِيَ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةِ شَرْعِيَّةٍ فَخَرَجَ مَوْتُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَالصَّيْدُ بِالضَّغْطَةِ أَوْ قَبْلَ إمْكَانِ ذَكَاتِهِ وَالنَّادُّ بِالسَّهْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا ذَكَاتُهَا شَرْعًا وَاسْتَثْنَى مِنْهَا الْآدَمِيَّ لِتَكْرِيمِهِ بِالنَّصِّ وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ فَلَا يُنَافِي إهْدَارَهُ لِوَصْفٍ عَرَضِيٍّ قَامَ بِهِ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَذَكَرَ الْمُسْلِمَ لِلْغَالِبِ وَمَعْنَى نَجَاسَةِ الْمُشْرِكِينَ فِي الْآيَةِ نَجَاسَةُ اعْتِقَادِهِمْ أَوْ الْمُرَادُ اجْتِنَابُهُمْ كَالنَّجَسِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ مَيْتَةِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ قِيلَ وَمِثْلُهُمْ الشُّهَدَاءُ وَالسَّمَكُ لِلْإِجْمَاعِ وَالْجَرَادُ لِلْإِجْمَاعِ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ»، لَكِنَّ الصَّحِيحَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْقَائِلَ أُحِلَّتْ إلَى آخِرِهِ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَكِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ وَرِوَايَةُ رَفْعِ ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ إنَّهَا مُنَكَّرَةٌ وَخَبَرُ: «الْجَرَادُ أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ» صَرِيحٌ فِي حِلِّهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلْهُ لِعُذْرٍ كَالضَّبِّ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ «أَنَّهُمْ غَزَوْا سَبْعَ غَزَوَاتٍ يَأْكُلُونَهُ وَيَأْكُلُهُ مَعَهُمْ» وَرِوَايَةُ يَأْكُلُونَهُ صَحَّتْ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَهُوَ فِي الْكَافِرِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَالْآدَمِيُّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ وَالثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَعْظِيمَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ وَلَمْ يُعَظَّمْ فَجَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِجِلْدِهِ وَإِغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَاِتِّخَاذِ الْأَوَانِي مِنْ جِلْدِهِ لِأَنَّهُ أَوَجَدَ مِنْ عَوَارِضِ الْمُخَالَفَاتِ مَا أَوْجَبَ إهْدَارَ عَوَارِضِ الصِّفَاتِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ يَتَّضِحْ لَك أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ. اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَنَّهَا مُقْتَضَى الذَّاتِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَلِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَئِمَّةُ فِيهَا أَوْ أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ فَكُلُّ الْأَوْصَافِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَرَادَ بِالذَّاتِيِّ الْحَقِيقِيَّ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ اقْتَضَتْ الذَّاتِيَّةُ الطَّهَارَةَ دُونَ الِاحْتِرَامِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَيْتَةُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ إلَخْ) وَلَوْ نَحْوَ ذُبَابٍ كَدَّ وَدَخَلَ مَعَ شَعْرِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَرِيشِهَا وَعَظْمِهَا وَظِلْفِهَا وَظُفْرِهَا وَحَافِرِهَا وَسَائِرِ أَجْزَائِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالسَّمَكُ) وَلَوْ كَانَ طَافِيًا نِهَايَةٌ بِأَنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْجَرَادُ) هُوَ اسْمُ جِنْسٍ وَاحِدُهُ جَرَادَةٌ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ لِتَحْرِيمِهَا) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَثْنَى فِي النِّهَايَةِ وَمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَزَعْمُ إضْرَارِهَا مَمْنُوعٌ.
(قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ إضْرَارِهَا) أَيْ وَعَدَمِ احْتِرَامِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَزَعْمُ إضْرَارِهَا إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَيْتَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ ضَرَرًا سم عَلَى الْبَهْجَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْمَيْتَةُ شَرْعًا نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ مَا زَالَتْ حَيَاتُهُ إلَخْ) كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُحْرِمِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَمَا ذُبِحَ بِالْعَظْمِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ إذَا ذُبِحَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْمُحْرِمُ أَيْ إذَا كَانَ مَا ذَكَّاهُ صَيْدًا وَحْشِيًّا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ أَمَّا لَوْ كَانَ مَذْبُوحُهُ غَيْرَ وَحْشِيٍّ كَعَنْزٍ مَثَلًا فَلَا يَحْرُمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالنَّادُّ) أَيْ وَالْمُتَرَدِّي مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ إمْكَانِ ذَكَاتِهِ) أَيْ الْمَعْهُودَةِ فَلَا يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ.
(قَوْلُهُ الْآدَمِيُّ) وَمِثْلُهُ الْمَلَكُ وَالْجِنُّ فَإِنَّ مَيْتَتَهُمَا طَاهِرَةٌ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ الزِّيَادِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا يُوَافِقُهُ وَيُوَجَّهُ بِمَا وُجِّهَ بِهِ طَهَارَةُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْآدَمِيِّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالْآدَمِيِّ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُؤْمِنِ فِي هَذَا وَنَظَائِرِهِ لَيْسَ لِإِخْرَاجِ الْكَافِرِ بَلْ لِلثَّنَاءِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا هُنَا وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ لَهَا مَيْتَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ.
وَأَمَّا إنْ قُلْنَا بِأَنَّهَا أَشْبَاحٌ نُورَانِيَّةٌ تَنْطِفِي بِمَوْتِهَا فَلَا مَيْتَةَ لَهَا. اهـ.
وَفِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَمِثْلُ الْآدَمِيِّ الْجِنُّ وَالْمَلَكُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَجْسَامٌ كَثِيفَةٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُمْ أَجْسَامٌ لَطِيفَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ لَا يَبْقَى لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ صُورَةٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِتَكْرِيمِهِ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ التَّكْرِيمِ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لِمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ أَيْ الْعَيْنِيَّةِ لَا يُقَالُ وَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَا أَمَرَ بِغَسْلِهِ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ غَسْلُ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ فِي الْحَدَثِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجِسِ عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَكْرِيمُهُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ عَنْهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّجِسِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ عَظْمَ الْمَيْتَةِ إذَا تَنَجَّسَ بِمُغَلَّظَةٍ لَا يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ مِنْهُ لِيَرْجِعَ إلَى أَصْلِهِ حَتَّى لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِلتَّسْبِيعِ وَبِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ صَرَّحَ سم عَلَى حَجّ فِيمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا نَصُّهُ فَرْعٌ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْإِنَاءِ الْعَاجِ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَوْ نَحْوُهُ وَغُسِلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهَا بِتُرَابٍ فَهَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ تَطْهِيرِهِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعَاجَ يَطْهُرُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ النَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ. اهـ. وَهُوَ الْأَقْرَبُ ع ش.